الإعلام عبر التعاون وفي التحول
Brunnenstraße 9, 10119 Berlin, Germany
mict-international.org

مشروعاتنا الأخرى
afghanistan-today.org
niqash.org
correspondents.org
English

‫المرأة في جنوب السودان تحت المجهر [الجزء السادس]‬

MiCT | النيلان
‫جوبا – ’في السلطة بلا سلطة‘: المرأة في مناصب سياسية وقيادية في جنوب السودان.‬
25.04.2024

لن نستسلم، سنواصل الكفاح من أجل أطفالنا ووطننا حتى لا يتعين على الجيل القادم مواجهة نفس التحديات التي نعاني منها الآن. (غريس أبولو، عضو الجمعية الوطنية عن ولاية غرب الاستوائية).‬

‫عندما انتهى النزاع بين السودان وجنوب السودان عام 2005، كفل الدستور الانتقالي المساواة في الحقوق بين الرجل والمرأة.

المرأة في جنوب السودان تحت المجهر:

الجزء الأول - ’جميعاً كنا جنوداً‘، مقاتلات من الحرب الأهلية في جنوب السودان

الجزء الثاني - ’سيبونا سيبونا‘: ناجيات من العنف الجنسي في جنوب السودان

الجزء الثالث - ’إذا لم تستطيعي كسب العيش بيديك…‘: عاملات الدعارة في جوبا، جنوب السودان

الجزء الرابع - قبول التحديات الجديدة: المرأة وتقديم الخدمات

الجزء الخامس - هكذا يتم الزواج أحياناً’: المرأة والزواج في جنوب السودان

ولتحقيق هذه المساواة على أرض الواقع، أنشأت حكومة جنوب السودان وزارة النوع والرعاية الاجتماعية والشؤون الدينية. ونص الدستور الانتقالي أيضاً على تخصيص 25‬ في المئة‫ على الأقل من المقاعد السياسية في جميع مستويات الحكومة للمرأة.‬

تعزز مثل هذه التحولات المؤسسية الدور المتغير للمرأة في مجتمع جنوب السودان، والذي حفزته الحربان الأهليتان السودانيتان (1955-1972 و1983-2005). ففي زمن الحرب، قتل عدد كبير من الرجال أو غابوا لفترات طويلة، وتدخلت المرأة لشغل الدور الذي كان الرجل يلعبه تقليدياً.

وأصبحت النساء العمود الفقري للمجتمع وشاركن بأدوار رئيسية في القوات المسلحة، وحصل بعضهن على التعليم واكتسبن خبرات في العمل.

ومع تنامي مسؤوليات المرأة، بدأ دورها الذي كان قبل الحرب محدوداً للغاية بالتحول.‬

‫لا يزال نظام سلطة الرجل والتمييز القائم على نوع الجنس سائداً؛ ولا تزال المعايير الثقافية التي تجعل المرأة تابعة للرجل في جميع التعاملات الاجتماعية تقريباً منتشرة. بيد أن المرأة في أحدث دولة في العالم تخطو بشكل متزايد نحو الأدوار القيادية في جميع القطاعات.‬

تحسين الصحة والتعليم؛ بناء دولة تحترم الأسرة ‬

‫في فترة ما بعد النزاع، أصبح كثير من نساء جنوب السودان ناشطات سياسيات. اختارت بعضهن هذا المجال في ضوء المسؤوليات التي تحملنها أثناء الحرب. وفي ذلك الوقت، كان كثير منهن ينقل الذخيرة والمواد الغذائية إلى الخطوط الأمامية، أو يطبخ للجنود (بعضهن أصبحن زوجاتهم)، أو يعتنين بالجرحى، أو يعملن مترجمات.

وعند توقيع اتفاقية السلام الشامل عام 2005، تطلعت كثيرات منهن إلى الاستمرار في النشاط، والمشاركة في عمليات صنع القرار الجديدة، وإحداث التغيير والسلام الدائم في جنوب السودان.‬

‫كما أكدت النساء أن مشاركتهن في الحياة السياسية والأدوار القيادية في مجالات أخرى مختلفة تنطلق من الرغبة في تحسين خدمات الرعاية الصحية والتعليم والمساعدة في مكافحة الفقر. وتؤثر الحالة السيئة للخدمات العامة الصحية والتعليمية بشكل مباشر على النساء يومياً، وقد لعبت هذه التحديات دوراً مهماً في دفعهن إلى أدوار الناشطات أولاً، ولاحقاً إلى الأدوار القيادية.‬

‫”بالنسبة لبعض النساء السودانيات، يوفر الدخول إلى عالم السياسة منبراً يمكن من خلاله تحقيق أحلام طفولتهن في تحقيق المساواة بين الجنسين والتمكين وبناء مجتمع حر وعادل للجميع. وقد دفعت الرغبة في معارضة الممارسات الأبوية المدمرة كثيراً من النساء في جميع أنحاء المنطقة، ومنها البلدان المجاورة، ليصبحن مدافعات عن حقوق الفتيات والنساء“، قالت ميريا ماتمبي في مقابلة.

وتريد هؤلاء النسوة تحدي النظم التي يعتبرنها مجحفة بحق المرأة، كاعتبار الزوجة جزءاً من الإرث وقوانين الملكية غير المتكافئة والعنف ضد المرأة.‬

وعلى العموم، قالت النساء اللواتي تمت مقابلتهن في هذا الكتاب إن رغبتهن هي بناء بيئة ترعى الأسرة في جميع أنحاء جنوب السودان، ويتمتع فيها الأطفال بالحماية وبطفولتهم ريثما يكبرون ويصبحون بالغين أصحاء ومسؤولين يعرفون حقوقهم ويستطيعون الدفاع عنها.‬

نظام الحصص‬

‫إن حصة 25 في المائة، التي لم يتم الالتزام بها، هي بداية لتمهيد الطريق أمام زيادة مشاركة المرأة في الحياة السياسية. لكن العديد من النساء اللواتي تمت مقابلتهن أعربن عن بعض الشكوك حيال كيفية عمل النظام في جنوب السودان.

فافتقار المرأة إلى التعليم النظامي (وكذلك المعرفة الفنية والخبرات ذات الصلة) عقبة رئيسية، وخاصة بالنظر إلى الطبيعة بالغة التعقيد للسياسة السودانية الجنوبية. ذكرت كثيرات من النساء السياسيات اللواتي تمت مقابلتهن اللغة (الحاجة إلى إتقان اللغة الإنجليزية أو العربية) باعتبارها عقبة أخرى تعوقهن دون أداء مهامهن بفعالية.‬

‫تواجه النساء اللواتي يفكرن في الترشح إلى القيادة السياسية معارضة كبيرة ويتعين عليهن التغلب على عقبات عملية عدة. وقلة قليلة من النساء يمكنهن الوصول إلى الموارد اللازمة لدفع رسوم الترشيح وإدارة الحملات الانتخابية. ونادراً ما تملك النساء عقارات، وعادة ما يسيطر الزوج أو أحد الأقرباء الذكور على مواردهن المالية.‬

‫ثم إن تلك النسوة، اللواتي يستطعن توفير الموارد لتمويل حملاتهن الانتخابية والفوز بها، يواجهن التحدي المتمثل في تلبية توقعات الناخبين بدون موارد حكومية تقريباً تحت تصرفهن. ويبقى سائداً الاعتقاد بأن الحياة العامة والمناصب القيادية ينبغي أن تبقى حكراً على الرجال، فيما تواجه النساء اللواتي ينافسن على المناصب القيادية صعوبة لكسب ثقة الناخبين.‬

‫أما اللواتي ينجحن في التخلّص من الصور النمطية للمجتمع والترشح للمناصب السياسية رغم العقبات العملية الكثيرة، فغالباً ما يواجهن معارضة من عائلاتهن. وبعض الزملاء الذكور لا يحترمون القيادات النسائية، ويسخرون منهن، ويرفضون أخذهن هن أو عملهن على محمل الجد.‬

‫وخارج الحكومة، تقدم المرأة مساهمات مهمة في إعادة بناء وطنها عبر مشاركتها في مختلف المنظمات النسائية. وقد وفرت منظمة ’صوت النساء السودانيات من أجل السلام‘ منبراً يمكن أن تشارك المرأة عبره في الحل السلمي للنزاع. وثمة مثال آخر عن النساء اللواتي يحشدن النساء هو ’الاتحاد النسائي‘. فمشاركة المرأة في هذه المنظمات توفر لها فرصة استكشاف مستويات جديدة من المسؤولية في الفضاء العام. وبهذه الطريقة، وجد عدد من النساء الثقة للتفاوض والتنافس مع الرجال على المناصب السياسية.‬

رجال ونساء يعملون معاً‬

‫عبرت جميع النساء اللواتي تمت مقابلتهن لغرض هذا الفصل عن رؤية لمستقبل بلدهن مكاناً مسالماً وآمناً، تتوفر فيه مياه نظيفة وخدمات تعليمية وصحية كافية – مكاناً يعمل فيه الرجال والنساء معاً من أجل الصالح العام. في مجموعات المناقشة، اتفق عدد من النساء مع مارثا كوك، النائبة عن مقاطعة أولانج، التي قالت إن النساء اللواتي يتمتعن بالمهارات والكفاءات المناسبة سيغيرن وضع المرأة في جنوب السودان نحو الأفضل.‬

اقتباس معد من طرف كارا مينتجس من فصل آشا عربي ‬”’‫في السلطة بلا سلطة‬‘‫: المرأة في مناصب سياسية وقيادية في جنوب السودان‬“‫ من كتاب ‬”‫الأمل والألم والصبر: حياة النساء في جنوب السودان‬“‫، إعداد فريديك بوبنزر وأورلي شتيرن. التقطت الصور بعدسة إيرين عبدو وجين وارن. من منشورات معهد العدالة والمصالحة. رقم ISBN: 978-1-920196-36-3. الناشر: جاكانا ميديا. متوفر على الرابط http://www.jacana.co.za ‬